تضحية أم
كان من اكبر التجار وأغناهم -تزوج ابنة عمه الجميلة وعاشا في قصر منيف تحيط به حديقة وارفة الظلال ولكثير من أشجار اللوز والبرتقال -وانواع الورود مما يضفي الجمال والبهاء - رزقا بطفل جميل اسمياه علاء الدين -ملأ حياتهما بهجة وسرورا - ساف الزوج الى بلد بعيد للتجارة - وفي ذات ليل قرع الباب --فتحت الزوجة وإذ برجل غريب الهيئه -غريب الملامح - سألته ما تريد؟ قال : اريد ابنك - قالت: ولماذا؟ ومن انت : قال : انا ملك الموت اريد ولدك - بكت -تضرعت إلا انه وضع الطفل على جناحيه وطار به - صرخت الأم استنجدت استرحمته ولا من مجيب -- خرجت هائمة على وجهها لعلها تعود بابنها من مدينة الموت - تاهت في وسط صحراء موحشة واذ بمارد مخيف -سألته عن طريق مدينة الموت قال لها : لا أدلك إلا إذا أطيتني عينك اليمنى -أعطته ما أراد وتابعت طريقها -وإذ بعجوز شمطاء مقعدة رفضت ان تدلها على الطريق إلا اذا أعطتها احدى ساقيها - تابعت الطريق تتوكأ على عصا -- وإذ بشجرة مليئة بالأشواك أبت أن تدلها على الطريق إلا إذا احتضنتها وقلعت اشواكها - احتضنت الشجرة -اصبح جسدها يقطر دما - وقد نبتت الأشواك في صدرها -تابعت الطريق منهكة خائرة القوى -- هاهي مدينة الموت -- نظر اليها بتعجب وانبهار لما قاسته من عذاب تلك الأم المسكينة -- رق لها قلبه وبكى -فعف عن ابنها - وعادت غير مصدقة ما فعله لها - رحبت بها الشجرة وقلعت الأشواك من جسمها وكذلك العجوز أعادت لها ساقها والمارد أعاد لها عينها -دخلت بيتها لترى زوجها باتظارها -وقد فرح عندما قصت له القصة --
هاهي تضحية الأم التي تضحي بحياتها من أجل أولادها -فلتنعموا بحنانها يا أطفالي ولتجازونها خيرا باطاعتها ومحبتها - ولتعلموا ان الجنة تحت أقدام الأمهات --
ليلى الحافظ/ سورية